المحامي نواف سليمان الفزيع
أقدم قصة فساد في الكويت
لكون تاريخ الكويت «الحقيقي» في أغلبه غير مدون لضرورات سياسية ما فإن اغلب مانعتمد عليه مثلما ما يعتمد في علم الحديث على روايات متواترة ننقلها من ثقات هم قد نقلوها من ثقات وعلى إجماع عدد معين من بعض الرعيل الاول أو أبنائهم والذين قد تمكنوا من سماع احاديثهم التي لا تمل من قبل أن تأخذهم يد المنون وترحل بهم عن هذه الحياة.
نسأل الله ان يطيل في اعمار الاحياء فهم بركة هذا البلد وسر حفظ الله سبحانه وتعالى له على الرغم من كل العواصف والأزمات.
كثير مما سمعناه قد دوناه على أمل أن يأتي يوم ليخرج ماكتبنا مما سمعناه الى النور من خلال كتاب نحكي فيه عن الحقيقة الضائعة في الكويت وهذا وعد ان شاء الرحمن عز وجل يعيننا على تنفيذه.
ما سأنقله من رواية سمعتها من اكثر من شخص (ثقة) تعمدت ان أصفها بكلمة فساد خصوصاً أن الفساد الإداري والمالي مرتبط بمفهوم الدولة الحديثة وبدايات الدولة بمعناها الحديث كانت مع المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح ليأتي من بعده المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح ويصنع اطر مفاهيم في هذه الدولة في سياق ماسمي بالدستور الكويتي.
أعتقد انها اقدم قصة فساد بهذا الإطار ولا أعلم ان كانت هناك اقدم منها.
القصة تعود لاربعينيات القرن الفائت في زمن الحرب العالمية الثانية ولكون الكويتيون يؤرخون سنواتهم بأحداث معينة فان السنة التي وقعت فيها الحادثة سميت بسنة البطاقة.
«سنة البطاقة» هي سنة وزعت فيها الحكومة على الكويتيين مواد غذائية عبر بطاقة تموينية.
كان المسؤول عن توزيع هذه المواد التموينية المغفور له الشيخ عبدالله السالم يعاونه في ذلك بعض الموظفين ومنهم موظف كان يأخذ هذه المواد الغذائية ويبيعها في العراق بعد ان يسدد قيمتها الرمزية والمدعومة للدولة، يعني بعبارة ماكان الكويتيون يستلمون هذه المواد انما كانت تصدر الى العراق.
اكتشف الموضوع شخص أمين من اهل الكويت ماكان يرضى على الغلط وهو المغفور له العم عبدالمحسن الزبن (بوبراك) وابلغ الامر للشيخ عبدالله السالم.
الشيخ عبدالله السالم وبعد ان تثبت بنفسه من الموضوع قام باستدعاء هذا الشخص وامر «بتسنينه» والسنون هو اللون الاسود المترسب من الفحم كما يسميه الكويتيون اذ امر الشيخ بان يصبغ وجه هذا الموظف بالفحم الاسود واركابه حماراً يجول فيه عبر الديرة ثم امر بسجنه بعد ذلك!
هكذا كان يتم محاربة الفساد في ذلك الوقت فالفساد موجود بوجود الدول لكن أمر محاربته هو الذي يدلل على قوة الدولة وهيبتها امام مواطنيها.
لم يتردد المغفور له الشيخ عبدالله السالم باتخاذ الإجراءات المناسبة (بمقاييس ذلك الوقت).
أهل الكويت كلهم يحفظون جميل موقف العم بوبراك وشجاعته في التصدي لامثال هذا الموظف، لم يتم إحالة بوبراك الى التقاعد الإجباري لانه تصدى لهذا الفاسد، لم يتم تسليط حملات التشويه عليه لانه تصدى لهذا الفاسد، بل تم الاخذ بيده بعد التحقق من مضمون ماابلغ عنه وتم اتخاذ مارآه الشيخ مناسباً في حق هذا الفاسد وجعله عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على المال العام وحرمان الكويتيين من حقوقهم المكتسبة بحسب الانتماء لهذه الارض.
ترى ماذا لو كانت هذه الحادثة قد وقعت في زماننا ماذا ترى سيحصل؟
سيتم احالة العم بوبراك للتحقيق ثم التجميد او الإحالة للتقاعد وسيتم حفظ الموضوع في كل الجهات الرقابية وسيطلع الفاسد من الموضوع مثل الشعرة من العجين.
شتان بين محاربة الفاسد ومباركته، شتان بين تطبيق الاقوال والشعارات وبين جعلها للاستهلاك المحلي.
في أربعينيات القرن الفائت كان الكويتيون على سريرتهم الصافية النقية وكان هناك فساد ولكن كان هناك من يتصدى وفي هذا الزمن وفي هذا الوقت مافي قضايا الفساد؟!.. لاتعليق!!
9a7 elsanik mo7ameena !!
o hathy leKuwait 9al 3ala elneby !
No comments:
Post a Comment